الاثنين، 25 فبراير 2019

كريم خيري العجيمي ///////

بلقيس والعصفور الصابئ..!!
......................................
يا بلقيس..
ويحك..
هذا العصفور الصغير تحت ظلال هدبك
قد مات لوعا..
مات عشقا..
وهذا كفك..
قد تلوث من دماءه..
واختضب..!!
فكيف تبرأين من جناح قد أهيض..
من ضلوع مزقت..
من نيران تستعر..
في فؤاد يحترق..
من حنايا تشتعل..
من بقايا تلتهب..!!
وما ذنب ذلك العصفور..
وقد عشق الوقوف..
على نوافذك المشرعات..
مذ رآك أول مرة..
تستلقين في الفراش المخملي..
وبصره نحوك..
قد صلب..!!
وجسده الناحل الصغير..
أمسى يبسا من حطام..
أضحى عودا من حطب..!!
قد كان يوما..
يروم في جنبيك زاوية للمقام..
للمقيل..
للحنين..
يرتاح فيها من المتاعب..
والشجون..
ويضع عن عاتقيه..
عبء السنين..
الباقيات..
من التعب..!!
وحلم صغير فوق جناحيه قد رسم..
وفي مقلتيه..
نبت وطن من ذهب..!!
قد سافر فيك..
في شامتيك..
في مقلتيك..
وقرأ كثيرا أسرارهما..
وفض الأظرف السوداء..
وفك الطلاسم..
والتمائم..
ومزق الدفاتر..
والمشاعر والمعاطر..
والدوائر والكتب..!!
وثمل بنظراتك الناعمات..
وعقله فيك عن غي عشق..
يا بلقيس قد ذهب..!!
لم يدري أنه مشنوق بحبل ودك يوما..
أو مقتول من اللوم..
أو..
أو مهدور بالعتب..!!
وما أدراه أن العشق في حق الصابئات..
من الجرائم والكبائر..
والدنايا والكذب..!!
من أدراه أن قصرك الممرد من قوارير..
هذا الصرح..
سيمسي يوما..
محض كوخ من خشب..!!
وهذا العصفور العنيد..
أدمن عشقك ألف عام..
قبل الوجود بألف عام..
قبل الكتابة والكلام..
وما قرأ غيرك..
وغير اسمك ما كتب..!!
وما تعلم أن يكون صابئا..
أو مرتدا..
ما كفر يوما أو نصب..!!
ما تعلم أن يعيش بالخطايا..
والرزايا..
والعجب..!!
ما تعود يا صابئة الهوى..
أن يأمل غيثا..
من سماء مكفهر وجهها..
لم تنجب عقما..
ولو بعض بعض من سحب..!!
قد رسم حلما في وطن بور..
أرض زور..
وظل يظمأ..
ثم يظمأ..
ما ارتوى يوما أو شرب..!!
قد مات يوما إذ أحب..
ومات أيضا..
إن لم يحب..
ومات أيضا بالتعب..!!
وقتل أيضا بالعتب..!!
وما أرتد يوما..
أو نصب..!!
أتدرين يا بلقيس ما كان عذره في هواك؟!..
كل ذنبه إذ أحب..
أنه وهب نفسه لناظريك..
وهب قلبه لمقلتيك..
وعاش جسدا بلا هوية..
أو مزية..
أو لقب..!!
عاش وحيدا بلا وطن..
لا قبيلة..
لا وسيلة..
ولا قريب ولا نسب..!!
كل ذنبه يا بلقيس..
أن العصفور الحزين رسم الأماني الشامخات..
على واد من الرمال أو الكثب..!!
أنه لأجل عينيك الصابئات..
قد زرع غيما في سماء..
أدمنت عهر المشاعر..
والوفاء قد تخفى في الحجب..!!
كل وزره يا بلقيس..
أنه..
تعلم أن يكفر بالحرية..
ولأجلك..
أنت وحدك..
آمن خوفا..
بالفرعون المستبد..
إذ تجبر واغتصب..!!
وانتهك الحدود والسدود..
وعربد فوق جثامين العرايا..
وامتلك الرقاب..
والهضاب..
والجبال والزوايا..
وتحكم في المصائر..
والحرائر..
والإماء والنساء..
والسبايا..
وانتهك كل عهود الأمان..
واخترق الوصايا..
الأربعين لصحف موسى..
وقال عفوا..
أنا الرب العلي
وسرق الخزائن..
والمدائن..
من صنعاء إلى حلب..!!
كل ذنبه يا بلقيس أنه..
قد أحبك..
ولم يسأل يوما عن سبب..!!
وما زلت أنت تسألين..
يا بلقيس..
عن السبب..!!
تلك الدماء المهدرات..
على الثرى..
أهداها إليك عطرا..
للمكاحل..
والحواجب..
والهدب..!!
ما اعترض يوما
أو غضب..!!
وما تمرد..
في عنفوان الشباب..
والفحولة والكهولة..
أو المشيب..
وما شجب..!!
عذرا يا بلقيس..
إن العصفور الحزين..
صبئ عمدا في شرع حبك..
قد نصب..!!
إن العصفور الثائر..
في راحتيك قد سجد يوما..
وانتحب..!!
وحج يوما في خشوع..
قبلتيك..
واحتسب..!!
وما زلت تسألين عن السبب..
كيف قتل..
أقتل عشقا..
أقتل شنقا..
أقتل شوقا..
أم أدمي عمدا؟!..
وبالرصاص قد ثقب..!!
عفوا يا بلقيس..
إن العصفور الحزين..
قد هجر قضبانك والسجون..
ولى فرارا...
من ويل قربك..
من دروبك..
قد هرب..!!
وهو المقتول من النزيف..
أوتحسبينه؟!..
يرقص فرحا أو طرب..!!
لا بلقيس..
إنما يرجف من ألم..
وهذا دمه سال بنصلك..
وانسكب..!!
فما عاد عصفورا عاشقا..
ولكنه من بؤس عشقك..
آبقا..
أضحى غرابا ناعقا..
بعدما..
جردوه..
من اللقب..!!
................
بقلمي..
كريم خيري العجيمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق