الأحد، 1 ديسمبر 2019

مياده كيلاني //////

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة اليوم تحكي معاناة فتاة بل عروس بدقيقة تبددت أحلامها بتكوين أسرة مع زوج المستقبل وحبيب العمر ابن العم لحظة كانت كفيلة تنهي مستقبل فتاة  كانت تستعد لدخول القفص الذهبي فإذا بها تدخل قفص الطيور وحمام السلام.
اليوم قصة العروس أمل طقاطقة خرجت بيوم من الأيام من منزلها ببلدة فجار جنوب بيت لحم في الأول من كانون الأول 2014 وكانت تبلغ من العمر تسعة عشر عاما تحمل بيدها كيسا صغيرا ، تود شراء بعض الأغراض من أجل عرسها القريب...
بعد وقت قصير من مضيها للسوق وصلت الى دوار عتصيون و الذي يتفرع منه طريق رئيسي إلى بلدة فجار.
من يقوم بزيارة أمل تروي لهم قصتها وتقول : ..عندما وصلت إلى دوار عتصيون كنت أسير على رصيف الشارع ، وكان الجنود منتشرين على مسافة ثلاثين  مترا من مكان  تواجدي  ...شاهدت سيارة عسكرية صهيونية و فيها جندي متوقف على قارعة الطريق بجانبه مستوطن يتحدث مع الجندي الذي بالجيب العسكري...
أتممت المضي بطريقي و وصلت بالقرب من المستوطن ، نادها المستوطن فلم تجيبه ،أصبح يصرخ و ينادي الجنود قائلا : أنها حاولت تطعنه . تنهي أمل كلامها ""مستهزئة بهذا العدو "" وتقول : " إنها قد نكزت المستوطن وضربته ووقع أرضا يا لك من عظيمة و كبيرة أيتها العروس النازفة ".
وبما أنها كانت تحمل كيسا فهذا الخوف الأكبر منها بعد سماعها لصراخه خافت وركضت تود الوصول للبيت.
تكمل أمل الحكاية : ...كم كان وقتها شوقي كبيرا للعودة إلى المنزل....
أطلقت العنان للريح راكضة وبكل ما أوتيت من قوة باتجاه بلدتي بيت فجار... ركضت ومن شدة هلعي رميت الكيس الذي بيدي فاعتقد الجنود أن به متفجرات وقد ألقيت عليهم....لمسافة تزيد عن ستمائة متر تقريبا ركضت والجنود ورائي يركضون ، و يطلبون مني التوقف...
 اجتزت مجموعة من السيارات وكنت أركض بلا توقف ، لا أدري بأي وقت كنت أركض وكيف أتتني هذه القوة بالركض ، حتى وصلت الى مشارف بلدتي والرصاص يطلق باتجاهي.....أصبت برصاصة في القدم سقطت أرضا ونهضت مسرعة وجنود كثر يركضون خلفي...
تابعت الركض و إذا  بأحد القناصة كان موجودا على مقربة من برج عسكري أطلق الرصاص حولي ، فأصبت برصاصة في يدي اقتطعت جزءا منها ، لكنني واصلت الركض فأطلق الجنود الرصاص علي وأصابوني برصاصتين في الصدر و الخاصرة،فوقعت على الأرض وأغمي علي ، ولم أفق إلا في مستشفى هداسا و قدماي مكبلتين الى السرير و أنا بين الحياة و الموت.

تواصل أمل حديثها عن فصول المعاناة : الحقيقية ...و أنا في المستشفى بين الحياة و الموت كنا نسمع السباب و الشتائم من المستوطنين زوار المستشفى ، فقد ضربني أحدهم على وجهي ، وشتمني ، وهددني..

تتابع و الدموع بعيونها

 و تقول: ...كنت على يقين أن هذا المستوطن وغيره هم الوجه الحقيقي للاحتلال ، وأنهم شربوا القساوة من تلمودهم المزيف .
بعد أستيقاظي من غيبوتي تعرضت للتحقيق القاسي الذي كان يستمر لساعات دون مرعاة لوضعي الصحي المتردي الذي وصلت له...

بعد شهر كامل من المعاناة و التحقيق  تم نقل أمل إلى سجن هشارون و كانت  لا تقوى على السير أو الحركة ، ولولا أن يسر الله لها  أخوات رائعات كن يقدمن المساعدة لأمل  لكانت حالتها  قد تدهورت .
و تقول أمل مضيفة : ..وضع الاحتلال في قدمي البلاتين ، وبقيت أخاديد الرصاص في يدي وصدري.

أثناء المحاكمة كانت أمل تتنقل من السجن للمحاكمة بالبوسطة  وما أدراكم ما البوسطة معاناة أخرى من العذاب .بعد عام كامل أصدرت المحكمة حكمها على أمل بالسجن سبع سنوات ، أمضت منها أربع سنوات.
بعد هذا الحكم أنتهت أحلام أمل وتلاشت بمهب ريح  الاحتلال .وأصبحت تحلم بالحرية والعودة لحضن الأسرة ودفئها ، و بقي بريق الأمل بعيونها لا ينطفئ بل .كما يُنقل عنها من زوارها و الأسيرات أنها دائمة الابتسام وحنونة.
بعد سنه من الحكم عليها تركها زوج المستقبل سجينة عذاب السجن و القهر و أثناء الطلاق في المحكمة قال له القاضي كم كلمة  فقط :  "عار عليك تترك أسيرة بدل أن تحطها تاج على رأسك  و وسام على صدرك "..
طلقها وتزوج بأخرى وأنجب هذا ابن العم فماذا ترك للغريب الذي ربما كان أحن عليها...
بعد سماعها بخبر طلاقها انهارت وبكت كثيرا لكنها لم تستسلم لليأس بل واصلت المسير وأكملت تعليمها الجامعي و هي خلف القضبان ودرست القانون وحقوق الإنسان الدولي وأيضا الخدمة الاجتماعية.
هكذا هم أسيراتنا أخوات مرجلة ولدت الإرادة عندهم من رحم المعاناة دخلت السجن بدلا من بيت الزوجية وكان عمرها تسع عشرة سنة واليوم أصبح ثلاث و عشرون سنة كبرت وكبر حلمها ، حلم أخر غيره ظلم الاحتلال وعنجهية الجلاد نصرك الله يا أمل طقاطقة وفرج أسرك و أعزك بالدنيا والأخرة.
و الى لقاء بقصة أخرى من قصص الأسيرات النابغات معلمات جيل المستقبل وأمهاتهن......
بقلم ميادة كيلاني .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق