الاثنين، 13 مايو 2019

وليد ع العايش///////

_ يوميات رمضان _
          _ ٨ _
لم تكن الحارة هادئة في ذاك المكان القصي قليلا عن القرية ، خراف خمسة تمرح أمام المنزل الذي مازال شابا ، بينما سنابل القمح ترتدي ثوبها الأخضر قبل حضور تموز ...
سهرة طويلة تمضي على هونها ، أبو أيمن ، زوجته ، وابنه الصغير الذي مازال في عامه الثاني ...
رجل أشقر ، عيناه زرقاوان ، طويل القامة ، ابتسامته حاضرة أينما حل ، مما جعل منه محبوبا لدى النساء ، كانت لطيفة زوجته ( الثالثة ) ، امرأة سمراء ، ممتلئة الجسد ، قوية الشخصية ، ذات يوم انتزعته من زوجته الثانية عنوة ...
_ أين الأولاد ، هل هم هنا ...
_ نعم إنهم في الغرفة المجاورة ... ألا تسمع صراخهم ...
احتسى شيئا من كأس الشاي ، تقلب في جلسته ، مسح شعر ابنه الذي بدأ يبحث عن النوم ، ثم عاود حديثه مع زوجته السمراء ...
ملامحه لم تكن توحي بالارتياح ، ثمة أمر ما يدور في رأسه ، لكنه آثر الصمت ...
_ وكأني أراك على غير العادة ...
_ لاشيء ... لا شيء ... فقط أفكر بمستقبل الأولاد ...
ضحكت المرأة بصوت مرتفع حتى بدت أسنانها عبر نور ( اللمبة الحمراء ) ، اقتربت منه أكثر ، لكنه رفع يدها عن رأسه ...
في الغرفة الأخرى كان الأولاد الثلاثة يلعبون الورق ، صراخهم يعلو تارة وينخفض أخرى ، قذف كبيرهم بالورق جانبا وأشعل سيجارة ( كاملة ) ...
_ هل تعرف ماذا وضعت أمك بالحقيبة اليوم ...
_ نعم لقد شاهدتها ...
_ ماذا ... ماذا ... تحدث ...
_ شاهدتها تضع رزمة من المال ، وقطع من الذهب لم أعرف عددها ...
_ هاااا ... إنها كمية كبيرة إذن ...
_ ما رأيكم فى ( ......... ) ... قال الأوسط ...
_ لكنهم أهلك يا بني آدم ...
خيم السكون على الجميع ، كانت الرياح تضرب أغصان الأشجار في الخارج ، ثغاء الخراف يصل إلى أسماعهم .
قبل ولوج الفجر كان أبو أيمن يغط في نوم عميق ، يلفه ذراع لطيفة ، الثياب ابتعدت عن جسديهما في زاوية معتمة ، أما الصغير فكان يداعب حليبه الاصطناعي ...
فتح أحد ما الباب الحديدي ، طارت الحقيبة من مكانها للحظات ، ما لبثت أن عادت إلى ظهر الخزانة الخشبية ، لكنها كانت خفيفة الوزن ...
_ هات علبة البنزين ...
_ ماذا ستفعل بها ...
_ قلت هاتها واصمت ...
أوصد الباب بالمفتاح من الخارج ، ورمى به في حقل القمح القريب .
النيران بدأت تعلن حضورها رويدا رويدا ، هب أبو أيمن مذعورا ، صرخ على زوجته واتجه إلى الباب ...
_ أين المفتاح ... أين المفتاح ...
_ على طرف الطاولة ...
_ ليس هنا ... النار ستأكلنا جميعا ...
ارتفعت ألسنة اللهب ، الدخان يحجب الرؤيا ، والتنفس ، احتضنت لطيفة ابنها ، وزوجها الذي كان يطرق الباب بكل قواه ، جاء الفجر مسرعا ، ومعه كان الجيران هناك أيضا ...
عندما كسر أحدهم الباب ، صرخ الابن الأكبر ...
_ من فعل هذا ... قلت لأبي ألا يترك أزرار الكهرباء ...
اجتمعت الخراف بسرعة ، قال  أكبرهم : ( علينا أن نغادر فورا ) ...
_______
وليد.ع.العايش
٨ رمضان ١٤٤٠

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق