درويش
ليتَكَ
ولدتَ في زمنٍ
لم يعرفِ الشّعرَ بعد
لكنّكَ بهِ اُُصبتْ . . .
فصريعاً غادرْتُهُ من غيرِ وصيّة
حتى باتَ رثاؤُك بارداً في فمِ المنابر . . .
. . . . .
لولا محوتَ نصفَ ما كتبتْ
لأنَّ الأمواتَ لا يسمعون . . .
لم تصدقْ ذلك أنت . . .
أشعارُك
كنتَ تجدُها أنهاراً تغسلُ درنَ النّكبة . . .
رصاصاً يمزّقُ أرديةَ خوف . . .
رجوعاً لأرضٍ
بعُدَتْ عن قدميكَ سنواتِ ضوء . . .
لكنّهُ وهماً
كان !
. . . . .
التّصفيقُ ملحٌ يذوبُ لساعته . . .
جمرةٌ كنتَ تُمسكُها
انطفأتْ في سرابِ غدٍ موعود . . .
تعبتْ كتفاكَ من حملِ صخورِ آمالٍ كبار
أبكتْكَ إلى الدّاخلِ في رحلةِ البحثِ عن هويّة . . .
تتنفّسُ من جنبِ زمنٍ مثقوب . . .
لم ترَكَ أحجارٌ
تدورُ في جفونٍ ما عرفتْ حزمةَ ضوء . . .
أمسيتَ عرجوناً
يستلطفُهُ موقدٌ في كانون
بعدما أُستُعذبَتْ حلاوةُ تمرِه . . .
هلّا استبدلتَ نظّارتَكَ الصّافيةَ بسوداءَ معتمة . . .
فنحنُ اليومَ في زمنِ التّظليل !
. . . . .
لا حديثَ عن تراب . . .
عن شجرِ الزّيتون . . .
الحسّون . . .
لكُلٍّ عرّابٌ
مزادٌ علنيّ . . .
لكنَّ شعرَكَ يُلقى في صالوناتٍ مُبرّدة تحتَ أضويةِ النيون . . .
باسمكَ تُرفعُ أنخابٌ
تُوزّعُ جوائزُ
تُسمّى ساحاتٌ وشوارع . . .
ماذا تُريدُ أكثرَ من ذلك ؟
يا عزيزَ أخوتِك !
. . . . .
إنْ التقيتَ طوقانَ
كنفاني
سميحاً . . .
قل لهم
أنّ الأعرابَ
ما زالوا يُنفقونَ
القرشَ الأبيضَ لخلقِ اليومِ الأسود . . .
يفتحون كُلَّ شيءٍ أمامَ الياقاتِ البيض . . .
يُغلقون كُلَّ الأبوابَ بوجهِ أبناءِ الطّين . . .
مسحوا كُلَّ شيء . . .
إنّكم الآنَ بلا أسماء
مجهولون في محطاتِ العبور . . .
آثارُكم زبدٌ على سواحلِ البحرِ المتوسط . . .
. . . . .
بقيتْ بيوتُ التّعساءِ وحدُها حيثُ الحبلُ الذي عهدت . . .
هي التي تراكَ فقط . . .
تجلسُ معك . . .
توقدُ باردَ رمادِك
علّها تُصيبُ شيئاً من دفءِ ما كنتَ
فيهِ تمور . . .
هم يتناقصون
بخنقٍ في صالوناتِ العُهرِ العربيّ . . .
برصاصٍ أخرس . . .
بوعودٍ فقدتْ لونَها على حبلِ غسيلِ القوّادين . . .
لو عشتَ ليومٍ كهذا
لاستعرتَ من هيمنغواي رصاصة !
. . . . .
الشّعرُ عندنا
يا سيّدي
ملهاةٌ لم تكتملْ فصولُها بعد . . .
مطيّةُ جُحا
تُركبُ من خِلاف . . .
كائنٌ هجينٌ بلا ملامح
ما وقفَ على طَلل . . .
ما جادَهُ غيث . . .
ما رجّهُ مجذافٌ وهناً ساعةَ السَّحر . . .
يرتقي المنابرَ الصّاجيّةَ في قاعاتٍ باذخة . . .
لكنّهُ لا يرى إلآ نفسَه
فيخرجُ مدحوراً من الأبوابِ الخلفيّة . . .
. . . . .
تلقتْكَ البصرةُ يوماً بباقةِ وردٍ وحنّاء . . .
شممْنا فيكَ رائحةَ بطلٍ إسطوريٍّ
قادمٍ من أرضِ الثّعابين . . .
جرحٌ يحدّثُ عن جروح
عن أُخوةِ بئر
عن نازفاتٍ أُخَر . . .
فكانَ مِربداً
هزلُتْ بعدَهُ المرابد . . .
عذراً
المكانُ الذي ألقيتَ فيه
أصبحَ ( مولاً ) !!
سأقرأُ (مَنْ أنا دون منفى ) عندَ السّيابِ في مقبرةِ الحسنِ البصريّ !
. . . . .
عبد الجبار الفياض
آذار / 2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق