الأربعاء، 17 مارس 2021

عبد الجبار الفياض ///////

 درويش


ليتَكَ 

ولدتَ في زمنٍ 

لم يعرفِ الشّعرَ بعد 

لكنّكَ بهِ  اُُصبتْ . . . 

فصريعاً غادرْتُهُ من غيرِ وصيّة

حتى باتَ رثاؤُك بارداً في فمِ المنابر . . .

. . . . .

لولا محوتَ نصفَ ما كتبتْ 

لأنَّ الأمواتَ لا يسمعون . . .

لم تصدقْ ذلك أنت . . . 

أشعارُك  

كنتَ تجدُها أنهاراً تغسلُ درنَ النّكبة . . .

رصاصاً يمزّقُ أرديةَ خوف . . .

رجوعاً لأرضٍ 

بعُدَتْ عن قدميكَ سنواتِ ضوء . . .

لكنّهُ وهماً

كان !

. . . . .

التّصفيقُ ملحٌ يذوبُ لساعته . . .

جمرةٌ كنتَ تُمسكُها 

انطفأتْ في سرابِ غدٍ موعود . . .

تعبتْ كتفاكَ من حملِ صخورِ آمالٍ  كبار 

أبكتْكَ إلى الدّاخلِ في رحلةِ البحثِ عن هويّة . . . 

تتنفّسُ من جنبِ زمنٍ مثقوب . . .

لم ترَكَ أحجارٌ 

تدورُ في جفونٍ ما عرفتْ حزمةَ ضوء . . . 

أمسيتَ عرجوناً 

يستلطفُهُ موقدٌ في كانون

بعدما أُستُعذبَتْ حلاوةُ تمرِه . . .

هلّا استبدلتَ نظّارتَكَ الصّافيةَ بسوداءَ معتمة . . .

فنحنُ اليومَ في زمنِ التّظليل !

. . . . .

لا حديثَ عن تراب . . .

عن شجرِ الزّيتون . . .

الحسّون . . .

لكُلٍّ عرّابٌ

مزادٌ علنيّ . . .

لكنَّ شعرَكَ يُلقى في صالوناتٍ مُبرّدة تحتَ أضويةِ النيون . . .

باسمكَ تُرفعُ أنخابٌ 

تُوزّعُ جوائزُ

تُسمّى ساحاتٌ وشوارع . . .

ماذا تُريدُ أكثرَ من ذلك ؟

يا عزيزَ أخوتِك !

. . . . .

إنْ التقيتَ طوقانَ

كنفاني 

سميحاً . . . 

قل لهم

أنّ الأعرابَ

ما زالوا يُنفقونَ

القرشَ الأبيضَ لخلقِ اليومِ الأسود . . .

يفتحون كُلَّ شيءٍ أمامَ الياقاتِ البيض . . . 

يُغلقون كُلَّ الأبوابَ بوجهِ أبناءِ الطّين . . .

مسحوا كُلَّ شيء . . .

إنّكم الآنَ بلا أسماء 

مجهولون في محطاتِ العبور  . . . 

آثارُكم زبدٌ على سواحلِ البحرِ المتوسط . . . 

. . . . . 

بقيتْ بيوتُ التّعساءِ وحدُها حيثُ الحبلُ الذي عهدت . . . 

هي التي تراكَ فقط . . .

تجلسُ معك . . . 

توقدُ باردَ رمادِك 

علّها تُصيبُ شيئاً من دفءِ ما كنتَ

فيهِ تمور . . .

هم يتناقصون 

بخنقٍ في صالوناتِ العُهرِ العربيّ . . . 

برصاصٍ أخرس . . .

بوعودٍ فقدتْ لونَها على حبلِ غسيلِ القوّادين  . . .

لو عشتَ ليومٍ كهذا 

لاستعرتَ من هيمنغواي رصاصة !

. . . . .

الشّعرُ عندنا 

يا سيّدي 

ملهاةٌ لم تكتملْ فصولُها بعد . . .

مطيّةُ جُحا 

تُركبُ من خِلاف . . .

كائنٌ هجينٌ بلا ملامح

ما وقفَ على طَلل . . .

ما جادَهُ غيث . . .

ما رجّهُ مجذافٌ وهناً ساعةَ السَّحر . . .

يرتقي المنابرَ الصّاجيّةَ في قاعاتٍ باذخة . . .

لكنّهُ لا يرى إلآ نفسَه

فيخرجُ مدحوراً من الأبوابِ الخلفيّة . . . 

. . . . .

تلقتْكَ البصرةُ يوماً بباقةِ وردٍ وحنّاء . . .

شممْنا فيكَ رائحةَ بطلٍ إسطوريٍّ

قادمٍ من أرضِ الثّعابين . . .

جرحٌ يحدّثُ عن جروح

عن أُخوةِ بئر

عن نازفاتٍ أُخَر . . .

فكانَ مِربداً 

هزلُتْ بعدَهُ المرابد . . .

عذراً

المكانُ الذي ألقيتَ فيه 

أصبحَ ( مولاً ) !!

سأقرأُ (مَنْ أنا دون منفى ) عندَ السّيابِ في مقبرةِ الحسنِ البصريّ !

. . . . .

عبد الجبار الفياض 

آذار / 2021


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق